Showing posts with label أمريكا. Show all posts
Showing posts with label أمريكا. Show all posts

Saturday, 13 February 2021

العالم الثالث والمشاكل التي تواجهه

 


،،، عبد العزيز بدر القطان ،،،


جاء في تقرير البنك الدولي لعام (1991) دراسة مطولة عن المشاكل والمصاعب التي تواجه دول العالم الثالث وتأثيراتها التي بدأت تنذر بكارثة في القرن الواحد والعشرين، حيث يؤكد التقرير على أن ازدياد الكثافة السكانية في المدن تتناسب طرداً مع ازدياد عدد الفقراء.


تقرير البنك الدولي، يشير بصورة خاصة إلى ثلاث نقاط أساسية هي:


أولاً، الزحف السكاني


باتت مشكلة الكثافة السكانية في مدن دول العالم الثالث ظاهرة خطيرة تعاني منها هذه الدول، حيث توقع خبراء أن يصل تعداد سكان هذه المدن في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية إلى 2 مليار نسمة، كما أنه من المتوقع أن يصل تعداد العديد من الدول النامية إلى عشرة ملايين نسمة يخيم على أغلبيتها الفقر المدقع والفوضى ، فلقد وضع التقرير بأن 21 مدينة يتجاوز عدد سكانها العشرة ملايين نسمة في تسعينيات القرن الماضي، تقع 17 منها في دول العالم الثالث وتشير التوقعات إلى أن هناك 20 مدينة من أصل 23 مدينة تصنف إلى دائرة المناطق ذات الكثافة السكانية الهائلة التي تقع جميعها في الدول الفقيرة، وأن عدد سكان هذه المدن سوف يرتفع خلال العقود القادمة بمقدار 50 مليون شخص سنوياً، مما يعني زيادة قدرها 2.5 مليار نسمة خلال الـ 35 سنة القادمة على أقل تقدير.


ثانياً، التدهور المعيشي والاقتصادي


أشار تقرير البنك الدولي إلى أنه خلال الأعوام الماضية سجلت الدراسات ازدياد عدد الفقراء القاطنين في دول العالم الثالث حيث أن هنالك حوالي 25% من سكان مدن تلك الدول يعيشون دون مستوى الفقر، مع العلم أن حدة الفقر تزداد أكثر فأكثر في تلك المدن متجاوزة كثيراً نسبة الفقر المسجلة في الريف، رغم أن هذه المدن تلعب دوراً إيجابياً في الحياة الاقتصادية وتدفع بعجلة التطور الاقتصادي خطوات إلى الأمام حيث توفر نسبة 60% من الدخل الصافي لمعظم الدول النامية.


ومن هنا تزداد أهمية هذه المدن على صعيد الاقتصاد الوطني، واستناداً إلى توقعات البنك الدولي ستصل حصة هذه المدن من الدخل الوطني لدول أمريكا اللاتينية على سبيل المثال إلى 80% خلال الأعوام القليلة المقبلة، وتعود حالة الفقر القائمة إلى ازدياد التعداد السكاني العشوائي، وغياب سياسة مالية مدروسة مع وجود مصاعب توفير رؤوس الأموال الضرورية لتأمين التوظيفات اللازمة لخدمة هذه المدن.


ثالثاً، التلوث البيئي


إن التلوث البيئي بات يهدد حياة السكان وكل ما هو حي في بلدان العالم الثالث إذ يجب مساعدة هذه البلدان بشكل عاجل لما يمثله من ضرورة للحد من التلوث وحماية البيئة والمشاكل الخطيرة الناشئة من جرائها والتي يعاني منها سكان تلك البلاد، إذ يتركز معظمهم في أمريكا اللاتينية وأفريقيا والدول الآسيوية.


أخيراً، يشير التقرير إلى مسؤولية الدول والهيئات والمنظمات الأخرى على هذا الواقع المؤلم لسكان هذا الجزء من العالم، وهذا الوضع الناجم عن سرقة ونهب ثروات شعوب البلدان النامية.


– الكويت.

كيف نجحت "روسيا وإيران" من زيادة حيرة الرئيس بايدن ؟ بقلم :- سمير عبيد


#تمهيد :-

بدأت أدارة الرئيس بايدن بهندسة مسرح عمليات جديد في دولة مهمة في المنطقة بمحاولة أيقاف الطموحات الروسية، ومحاولة أخراج إيران من المنطقة واجبارها على الجلوس في مفاوضات جديدة. وسوف (نشرح هذا فيما بعد). كل هذا كانت تراقبه طهران وموسكو .ولم ينجح بايدن بالتغطية عليه من خلال التعامل الهادىء و الناعم مع إيران، والمتوجس والحذر مع روسيا .


#شروع إيراني لمحاصرة بايدن !

يشعر الايرانيون هذه الأيام بأن الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن غير مستعجل وغير متحمس للعودة الحقيقية الى الأتفاق النووي الذي خرجت منه الولايات المتحدة عام ٢٠١٨ .بل يطالب ايران بموافقة العودة بشروط تعجيزية من جهة. ومن جهة أخرى تعمد على أستفزاز إيران بشرطه أن تحضر السعودية ودول الخليج في حالة الرجوع للاتفاق النووي وبشرط اضافة مايلي :- 

١- ملف الصواريخ الباليستية .والذي ابتدعوا له ملفاً جديدا أمس ٩ شباط ٢٠٢١ عندما تسلم مجلس الأمن تقريرا أممياً يحذر من امكانية ان تكون ايران وكوريا الشمالية قد أستأنفتا في العام ٢٠٢٠ تعاونهما في مجال تطوير الصواريخ بعيدة المدى. وطبعا نفت إيران ذلك . ويُذكرنا هذا بالكذبة التي استندوا عليها فقرروا غزو العراق، وهي أسلحة الدمار الشامل!. وان تحريك هذا الملف وراءه إسرائيل !

٢-ملف التوسع الإيراني في المنطقة .وان هذا الملف وراءه السعودية ودول الخليج "وكل شيء بثمنه" !


#وطبعا هذا كله أستفز الايرانيين جدا. فسارعوا الى أتخاذ خطوات تكتيكية مهمة جدا ، ومن جهة اخرى قرروا صنع أوراق جديدة تكون بحوزة ايران لتزيد من تأثيرها وأهميتها في المنطقة ومن هذه الخطوات مايلي :- 


*أولا :- أسقاط أتفاق ماكرون -بايدن !

في ٢٤ يناير ٢٠٢١ أعلن الرئيس الفرنسي ماكرون بأنه تم التنسيق بينه وبين الرئيس الاميركي بايدن بأن يكون الرئيس الفرنسي وسيطاً حول الأتفاق النووي ولبنان .

وتوقع ماكرون سيفرج الايرانيين بذلك. وكذلك توقع بايدن ان الرئيس الفرنسي سينجح بالمهمة من خلال الورقة اللبنانية وهي ورقة مغرية للإيرانيين من وجهة نظر بايدن .ولكن للإيرانيين رأي آخر وباشروا فيه مباشرة من خلال مايلي:-

١-قرار المرشد الايراني السيد الخامنئي بأختيار رئيس البرلمان الايراني محمد باقر قاليباف " المحسوب على التيار المتشدد والقادم من الصف الاول للحرس الثوري" مبعوثا خاصاً وحاملا ً رسالة مهمة الى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جاء فيها (سيبدأ فصل جديد من العلاقات الإستراتيجية بين البلدين من خلال مساندة القوتين الروسية والإيرانية لبعضهما البعض وفي جميع القضايا ) .وهذا بحد ذاته إعلان إيراني بالإنتماء العلني الى المحور الصيني - الروسي الصاعد بقوة من جهة . وإعلان إستراتيجي بأن حدود هذا المحور هو الخليج الفارسي ويعبر صوب العراق وسوريا ولبنان من جهة اخرى !

٢-وبهذا اسقطوا أحلام ماكرون من جهة .وفي نفس الوقت رفضوا ربط الملف " اللبناني " بموضوع الاتفاق النووي . ويعتبر رسالة إيرانية لفرنسا بأن ظروف مابعد انفجار مرفأ بيروت باتت غير موجودة وعندما نزل الرئيس الفرنسي في لبنان مزهوا وقابلته إيران بالدعم الصامت ،وكذلك فعل حلفاءها في لبنان !


*ثانيا :- الشروع بمناورات أستراتيجية !

في الثامن من شباط ٢٠٢١ عبرت السفينة الهجومية البرمائية "يو أس أس ماكن -إيلاند"مضيق هرمز متجهة الى الخليج للتدريب مع الحلفاء والشركاء الاقليميين. وكانت رسالة قوة وتحدي لإيران وللمحور الصيني الروسي من قبل ادارة بايدن .ولقد وصلت الرسالة لدول هذا المحور مباشرة .وفي نفس اليوم ٨ شباط ٢٠٢١ أعلن السفير الروسي لدى إيران "ليفان غارغريان" ان مناورات بحرية ثلاثية تشارك فيها ( روسيا والصين وايران) وستبدأ منتصف "فبراير / شباط" في المحيط الهندي .وستركز على تطوير التعاون في عمليات البحث والانقاذ ،والتدابير لضمان سلامة الملاحة البحرية ".ويعتبر هذا تحدي ايضا من قبل المحور الصيني الايراني الروسي من جهة . ومن جهة أخرى تعتبر رسالة علنية ثانية بأن إيران باتت عضو وشريك في المحور الصيني الروسي .والأهم هو تحذير جدي من أي عبث في منطقة الخليج ومضيق هرمز لانه بات مسؤولية هذا المحور ايضا وليس إيران وحدها !


*ثالثا :- الشروع بهندسة ملفي طالبان وباكستان !

١-سارعت إيران وبشكل جدي بالدخول على الخط الأفغاني لتجعل ورقة ( طالبان) بيد إيران .وخصوصا بعد الانسحاب الأميركي من افغانستان .وبالفعل زار طهران وفد رفيع ومهم من حركة طالبان والتقى مع كبار المسؤولين الايرانيين . والهدف لكي تحصل إيران على نفوذ متزايد في المنطقة وافغانستان التي تمثل الخاصرة المهمة لايران والتي تراهن عليها واشنطن . وكذلك لتصنع إيران من وراء ذلك أوراقًا إستراتيجية اضافية تتلاعب بها أمام واشنطن .

٢-تحاول طهران توظيف الخلاف " الباكستاني /الهندي"لصالحها.وبمحاولة لتفاهمات مع باكستان لتقاسم النفوذ في افغانستان .وطبعا هنا لن تبقى الصين صامته وهي الحليف الاقتصادي لباكستان. بل سوف تدفع باكستان نحو إيران التي باتت شريك مهم ومتقدم للمحور الصيني الروسي، والذي تكلمنا عنه في سياق هذا المقال !  


*رابعا:- التلويح بالقنبلة النووية ولأول مرة !

كررت طهران مراراً وعبر السنين المنصرمة بأنها لا تنوي أنتاج قنبلة نووية. بل أن برنامجها النووي للأغراض السلمية. وأول من ارسل رسالة أطمئنان لدول المنطقة والعالم هو الشيخ الراحل هاشمي رفسنجاني.وكذلك كررها مستشار المرشد الايراني الدكتور علي أكبر ولاياتي قائلا أن ( فتوى الولي الفقيه ) هي التي تحرم أنتاج وحيازة الأسلحة النووية .

ولكن وزير الاستخبارات بحكومة حسن روحاني وهو السيد محمود علوي كسر المحظور من خلال مقابله معه في التلفزيون الايراني الرسمي بتاريخ ٩ شباط ٢٠٢١ عندما قال (أن بلاده قد تلجأ الى أنتاج سلاح نووي أذا أستمرت الضغوط عليها ) .ومن الطبيعي ان هذا الوزير لن يتكلم من رأسه ولوحده .بل بُلغ أن يُطلق هذه الرسالة المهمة لتصل الى دول المنطقة. والى الولايات المتحدة واسرائيل .وكذلك الى المجتمع الدولي مفادها خففوا ضغطكم على ايران وإلا ستكون طهران مضطرة لأنتاج قنبلة نووية .وهذا كلام جديد ويؤيد تصريح وزير الخارجية الأميركي بلينكن قبل أسبوع وعندما قال ( ايران لا يفصلها غير اسابيع قليلة لأنتاج موادا تتعلق بانتاج قنبلة نووية ) !

فياترى هل مسج أم شيفرة هي التي أطلقها وزير الخارجية الاميركي الجديد بلينكن!؟


#وهنا أعود لنفس توقعاتي واسئلتي التي نشرتها قبل أكثر من أسبوع وقلت فيها :-

١-لدي توقعات ومن خلال مراقبة تعاطي الرئيس بايدن وادارته مع إيران بأن الرئيس بايدن يرغب في قرارة نفسه ومعه كثير من الديموقراطيين بأن تكون لدى ايران قنبلة نووية. لكي يغلق هذا الموضوع وينتقل لشروط النادي النووي والتي ستُفرض على إيران العضو الجديد في النادي . وفي نفس الوقت يولد توازن مهم في المنطقة بين القنبلة النووية "السنية" في باكستان ،والقنبلة النووية " الشيعية" في إيران. لكي يبدأ فصل حوار اميركي- ايراني جديد حول الصواريخ الباليستية وملفات اخرى ! 

٢-وتوقعتُ حينها ايضاً .. أن الرئيس بايدن يريد توريط الجمهوريين والرئيس ترامب وادارته وحتى إسرائيل بأنهم هم سبب حصول ايران على القنبلة النووية بسبب خروج واشنطن من الأتفاق النووي الذي ابرمته ادارة اوباما الديموقراطية مع طهران وبحضور الاوربيين.ويريد بايدن اثبات ان الحصار ضد ايران ليس ناجعاً ،بل هو ضد الشعب الايراني بدليل انتج النظام الايراني قنبلة نووية. لكي يبرر الرئيس بايدن فيما بعد رفعه للحصار عن ايران الذي تسبب بخسائر قدرها 100 مليار دولار في عائدات النفط فقط ،بسبب العقوبات الاميركية وهذا ماصرح به بتاريخ ٦ شباط ٢٠٢١ النائب الاول للرئيس الايراني حسن روحاني السيد اسحاق جهاتغيري . والسبب الآخر لانه ليس من مصلحة الولايات المتحدة ان تصبح إيران حليف استراتيجي للمحور الصيني - الروسي. وليس من مصلحتها ان تكون إيران رأس حربه لهذا المحور والذي سيصل الى العراق وسوريا ولبنان على ظهر ايران وحلفاءها في تلك الدول ! 


سمير عبيد

١٠ شباط 

Tuesday, 2 February 2021

ماضي أوروبا والغرب وحاضرهم في موضوع الحريات

 


بقلم المستشار / عبد العزيز بدر القطان 


إن المقصود بـ أوروبا والغرب ليس الوضع الجغرافي لهم وإنما مجموعة الأمم ترجع إلى نظام من القيم المبنية على الديمقراطية التعددية وعلى مفهوم سياسي وفردي من الحرية.


ما الذي يوجد هنالك من أمور مشتركة خارج الفوارق القائمة التي غالباً ما تبدو عميقة جداً بين دول أوروبا مثل فرنسا وبين الولايات المتحدة، وبين سويسرا وإسبانيا وبين البرتغال والدنمارك وغيرهم، حيث يختلط تراث المسيحية وذكرى الثورة الصناعية بتراث الثورات التحررية مثل ثورة انكلترا، واستقلال الولايات المتحدة الأمريكية والثورة الفرنسية.


إن الرجوع إلى ماضي أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية في مادة الحريات يشير إلى أن هذه الحريات مرت بمظاهر رئيسية ثلاثة: تكوين الديمقراطية الليبرالية، والمحاولات الفاشية، ثم التوصل إلى نظام ملموس أكثر ومكتمل أكثر لحقوق الإنسان، فبالنسبة لتكوين الديمقراطية الليبرالية الغربية، أخذت أوروبا تتخلص شيئاً فشيئاً من سلطة الملوك.


كذلك الأمر عن تكوين الولايات المتحدة كأمة مستقلة عن التاج الانكليزي وبنت ديمقراطيتها الليبرالية مع نهاية القرن الثامن عشر، وهذه الحركة سبقت قليلاً الثورة الفرنسية رمز الحرية ومقوضة الطغيان، لكن لم تصبح أكثرية البلدان الغربية ديمقراطية إلا بعد الثورة الصناعية، هذا التحرر توافق مع تحقيق الوحدة انطلاقاً من اندماج مقاطعات أو أقاليم كما جرى في ألمانيا وإيطاليا، أو مع انتزاع استقلالها بالنسبة لمستعمرات انكلترا القديمة (كندا واستراليا وايرلندا)، لكن غالباً ما كان يحدث أيضاً انحراف أحداث تاريخية هامة بين ولادة أمة حديثة ووصولها إلى الديمقراطية.


الشي الجوهري في كل هذا أن أوروبا والولايات المتحدة قد بنت ديمقراطية ليبرالية ونظاماً فعّالاً للحريات العامة في القرنين التاسع عشر والعشرين، أما بالنسبة لمحاولات الفاشية كانت أنظمتها تشكل انحرافاً خطيراً عن الديمقراطية وتكنّ كراهية عنيفة للحرية وتفسر حقوق الإنسان من منطق مخالف، لكن حتى الديمقراطيات التي قاومت الاغراءات الفاشية تأثرت بالحركات القريبة أيديولوجياً من الأنظمة الشمولية.


ويلاحظ بعض الباحثين أن المذاهب بمختلف أشكالها التي أفسدت مسيرة الديمقراطية الغربية، كان ينبغي أن تكون ذكرى حالات الرعب والإرهاب التي مارستها في الحضارة الغربية، كافية لطرد الشياطين ومنع عودتها، لكن استمرار وجود حركات سياسية ذات خاصية وطنية واستبدادية في كثير من بلدان أوروبا مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا حتى ولو كان حضورها على الساحة محدوداً، فإنها تنشئ خطراً كامناً للهجوم على ديمقراطية الغرب.


أخيراً، إن ما توصل إليه النظام الغربي حالياً من حقوق ملموسة للإنسان، أتت بعد أن أحدثت الحرب العالمية الثانية صدمة كبرى للقرن العشرين، فغداة انتهاء هذا النزاع الكبير، أخذت البلدان الغربية تبحث عن إحياء الديمقراطية وتدعيمها، وذلك عن طريق وضع أنظمة للحريات أكثر كمالاً وأكثر محسوسية.


– الكويت.

Friday, 29 January 2021

دور الولايات المتحدة في النظام العالمي الجديد بقلم المستشار |عبد العزيز بدر القطان


 
تدل دراسات وأبحاث العديد من المفكرين على أن الولايات المتحدة الأمريكية بدأت منذ نهاية القرن التاسع عشر بالتفكير جديّاً في خططها الاستعمارية الواسعة، ففي العام (1898) قال عضو مجلس الشيوخ الأمريكي "بيفريدج" مدحاً في القائد "يوليسيز غرانت"، (لم ينسَ هذا القائد قط أننا شعب فاتح، وأنه يجب علينا أن نلتئم مع سلالتنا النقية، وأن نحتل أسواقاً جديدة، بل أراضي جديدة إذا لزم الأمر، فقد كان قائداً ذا بصيرة نافذة تنبأت بوصفها جزءاً من خطة القدير، بزوال الحضارات الحقيرة والأجناس المنحطة أمام الحضارات الأرقى التي تقوم على أكتاف أنماط رجال أسمى وأكثر حيوية ونشاطاً).


فمثلاً كان من بين الأفراد الذين بعثوا في نفوس سكان الولايات المتحدة الأمريكية رغبة التطلع إلى خارج بلادهم، الضابط البحري (ألفرد تاير ماهان 1840 – 1914)، الذي يعتبر أفصح من عبّر عن دور أمريكا في الاستعمار وقد اصطبغ مشروعه بإقامة أقوى قوة بحرية في العالم، حيث يقول: (ليست المصلحة الذاتية مبرراً شرعياً فحسب للسياسة القومية، بل هي مبرر جوهري لا يحتاج إلى ستار من النفاق، وما الحكومات سوى شركات، المجردة من الناحية الروحية)، هذا الاتجاه كرره الرئيس الأمريكي الأسبق آيزنهاور في رسالته الموجهة للشعب الأمريكي مؤكداً فيها على وحدة المصالح السياسية والاجتماعية، والتي جاء في بعضٍ منها: (نحن نعلم بأن الذي يربطنا بكل الشعوب الحرة ليس فقط مثل أعلى شريف، ولكن أيضاً وبكل بساطة الحاجة، فرغم كل مقدرتنا المادية، نحتاج في العالم لأسواق لتصريف الفائض من إنتاجنا الزراعي والصناعي، ونحتاج كذلك لزراعتنا وصناعتنا مواد أولية ومنتوجات حيوية توجد في بلاد بعيدة).


هذا ما كرره كل رؤساء الولايات المتحدة الامريكية ممن أتى بعد وقبل آيزنهاور، فلقد كان "روزفلت" قد قال: (قدرنا أمركة العالم)، ما يؤكد النسق والنهج الذي ساروا عليه.


من هنا، إذا كانت الحرب العالمية الأولى قد شهدت انهيار القيم الأوروبية انهياراً كبيراً، وأن هذا الانهيار قد سار بخطى حثيثة خلال الحرب العالمية الثانية وما بعدها، فلقد بزغ فجر الولايات المتحدة كقوة أولى في عالم الغرب، ما يعني بزوغ عصر الحضارة الأمريكية التي أقسمت بأنها ترمي إلى توطيد الأمن وتوفير الرفاهية الاقتصادية لأكثر عدد ممكن من البشر، ولا تؤخذ الثقافة فيها مأخذ الجد، بل تبقى نشاطاً ثانوياً على خلاف ما عرفته أوروبا.


على ما يبدو أن دول العالم الديمقراطي الأخرى واقعية بدرجة تكفي لأن تدرك أن الولايات المتحدة التي تسهم بقوة سياسية وعسكرية وإقتصادية أكثر مما تسهم به أية دولة أخرى، يجب أن تتولى زعامة هذه الدول، لكن يلاحظ أن ما تخشاه هذه الدول وما تستنكره وما بدأت تجهر بمقاومته بشدة، هو أن تحكمها أمريكا بدلاً من ترشدها وأن تفرض عليها إرادتها بدلاً من أن تتعاون معها.


السؤال المهم هنا، هل ستتبع هذه الدول زعامة الولايات المتحدة بمحض إرادتها، نتيجة لاقتناع داخلي، أم ستقبلها على مضض تحت ما يسمى ضغط الضرورة؟ الأمركة التي تزحف اليوم في كل اتجاه في العالم يبدو أن الغالبية لا تستطيع مقاومتها.


أخيراً، إن عصر أمريكا بتخومه الدفاعية التي تطوق الكرة الأرضية هو الحقيقة الواقعة في عصرنا الحالي، فلقد أدرك الأمريكيون منذ الحرب العالمية الثانية أن المشكلة تنحصر في أحد أمرين: إما عالم واحد تحت قيادتها، أو لا عالم على الإطلاق.

Saturday, 23 January 2021

الجزء الثاني وبالأسرار:- -كيف خدع الايرانيون ادارة أوباما في العراق ؟

 


-كيف خطط أوباما للأنتقام من الايرانيين وحلفائهم العراقيين في العراق...ولكن ؟ 

بقلم :- سمير عبيد

#كيف دافعت أدارة أوباما عن سكوتها  تجاه توغل ايران في العراق؟

*أولا :-

فالحقيقة المرة  التي دافع و يدافع عنها أعضاء أدارة الرئيس اوباما هي:-أن  أدارة أوباما  اضطرت الى عدم الاعتراض على تمدد الايرانيين في العراق، والسكوت على عن فساد وفشل حلفاء ايران وحلفائهم من المكونات  الاخرى  في العراق. وذلك لتطمين الايرانيين وجعلهم يستمرون في التفاوض حول الملف النووي في حينها .بحيث تلاعب الايرانيون عمدا في أطالة وقت التفاوض ليوفروا وقتاً كافيا لهندسة تحالفاتهم في العراق وكذلك لهندسة  تمددهم الذكي  في العراق .وكانت ادارة أوباما  تعلم وتراقب ذلك. ولكن حينها كانت أسيرة بل  أشبه ب"بلاّع الموس"( وللاسف كانت المفاوضات  و النتيجة  على حساب العراق والشعب العراقي الذي ليس لديه من يدافع عنه حينها وحتى الآن  )!

*ثانيا:-

وعندما نجح الايرانيون باستغلال ذلك .رسخوا تواجدهم وانتشارهم في العراق. بحيث وصلت الامور بهم لفرض الوزراء والمسؤولين في الحكومات العراقية،وتعطيل  الحكومات العراقية  ان لم تكن فيها حصة الأسد لإيران.لا بل وصلت الأمور بأن يجلس قادة أمنيين من ايران في غرف العمليات العسكرية والأمنية العراقية  لوضع الخطط حول تسيير زيارات العتبات المقدسة في العراق في شهر محرم " عاشوراء" وزيارات مقدسة اخرى. ناهيك عن دخول عشرات الآلاف من الايرانيين الحدود العراقية عنوة ودون جرد وتسجيل وعدم معرفة الذين مكثوا في العراق ولم يعودوا وماهي واجباتهم داخل العراق( وحدث أقتحام الحدود العراقية مرات ومرات)وهذا لم يحدث في تاريخ الدول  .فبقيت الولايات المتحدة حينها  في حيرة من امرها. فان أوقفت الايرانيين عّن ذلك سوف تنهار المفاوضات حول الملف النووي . وان انهارت سوف لن تخرج ادارة أوباما بأنتصار عالمي مرموق.وحينها لابد من مواجهات امنية وعسكرية ضد إيران  في العراق. وهذا ما تراجع عنه الرئيس اوباما .

*ثالثا :-

فذهب الرئيس الداهية أوباما فوضع أستراتيجيتين مهمتين للتغطية على المفاوضات السرية في بغداد ولتغطية انتشار الايرانيين في العراق لانه أخذ يسمع بانتقادات أطراف عراقية وخليجية وعربية وغربية.... فذهب نحو  :- 

١- وضع استراتيجية حرب الطائرات المسيرة والتي دشنتها أدارة أوباما لأول مرة . بحيث أدخلها   الرئيس اوباما التاريخ العسكري والحربي عندما دشنها  في افغانستان وباكستان واليمن وفِي الصومال وفِي العراق وفِي افريقيا  لمطاردة الارهاب واغتيال قادة التنظيمات الأرهابية فخطف الاعلام الاميركي والعالمي وجعله ينشغل بهذه الأستراتيحية الجديدة ,ومثلما أشغل الرئيس الأسبق بوش الإبن الاعلام والعالم بأستراتيحية الحروب الأستباقية !

٢- أستراتيجية الحرب على أرض العراق والشرق الأوسط   عبر الادوات المحلية !

 فلأول مرة تدشن الولايات المتحدة في الشرق الأوسط  استراتيجية ( الحروب عبر الادوات المحلية ).ومثلما ذكرنا أعلاه فالرئيس بوش الإبن ووزيرة خارجيته كوندليزا رايس مثلا دشنا أستراتيجية ( الحروب الاستباقية) وكان قرار  غزو العراق باكورة هذه الاستراتيحية التي تجاوزت الشرعية الدولية !....فذهبت أدارة الرئيس أوباما وبدعم من وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون نحو استراتيجية ( الحروب عبر الادوات المحلية)  فتم تأسيس تنظيم داعش الإرهابي في العراق ليغير المشهد برمته من ( سيناء حتى البصرة ) .بحيث كانت هناك 102دولة جاهزة للاعتراف بِما يسمى ب " تنظيم الدولة الاسلامية " كدولة جديدة  في سيناء .ولكن قضية خطف النظام من قبل العسكر في مصر وصعود الرئيس عبد الفتاح السيسي افشل هذا المخطط ( حسب ما جاء في مذكرات هيلاري كلينتون ) .

وان تأسيس تنظيم داعش الارهابي  من قبل اوباما شهد به الرئيس ترامب مرارا ،وكذلك شهدت حوله بعض القيادات العسكرية والأمنية في امريكا بان ادارة اوباما وراء تأسيس هذا التنظيم ، وكذلك صدرت كتب ووثائق مهمة في اوربا وامريكا أثبتت هذه الحقائق الخطيرة بأن ادارة أوباما وراء تأسيس تتظيم الدولة الاسلامية " تنظيم داعش الارهابي" .بحيث اعترف رئيس الوزراء و وزير الخارجية الأسبق في دولة قطر الشيخ حمد بن جاسم عندما قال " هم طلبوا منا دعم الفصائل المتطرفة في العراق وسوريا "وكان يقصد الولايات المتحدة .

#ويبدو ان ادارة أوباما قد اعدت العدة للانتقام من ايران في العراق وسوريا معا  وحال الانتهاء من مفاوضات الملف النووي وتسجيله رسميا ودوليا( أي وضعت ادارة اوباما استراتيجية اعادة العراق من ايران وحال الانتهاء من الاتفاق النووي  ) ولكن من خلال جيوش رديفة على الارض تعمّل سرا لصالح امريكا .وكان تنظيم داعش جوهرها وعندما قرر غزو الموصل والاندفاع مباشرة الى المحافظات والمدن السنية في العراق والتلويح بالذهاب نحو العاصمة بغداد  !!


#ماهو سر سرعة الدعم الايراني للعراق  ضد تنظيم داعش؟!

 ١-فما تقدم أعلاه يحمل   سر الدعم الايراني الكبير والمبكر للعراق وبضمنه أقليم كردستان ضد تنظيم داعش الارهابي" بحيث عندما اندفع تنظيم داعش الارهابي نحو عاصمة إقليم كردستان توسل رئيس الاقليم مسعود البرزاني بحليفه أردوغان و تركيا لكي ينجده فلم يرد عليه، وذهب متوسلا بواشنطن وعواصم غربية لم ترد عليه. فأتصل بالايرانيين طالبا النجدة وتكلم مع الجنرال الراحل قاسم سليماني حينها  فقال له :- أبشر وسوف تنزل عندك القوات والمعدات قبيل الفجر. وبالفعل صُدَّ تتظيم داعش الارهابي ولم يتمكن من دخول أربيل واسقاط النظام في كردستان / وهنا نتكلم للتاريخ وليس مدحاً أو ذماً لأحد .بل من خلال الوثائق والتسجيلات والشهادات بهدف تعريف الاجيال بهذه الحقائق  ) !

 ٢- فعندما  قرر هذا التنظيم الارهابي  غزو الموصل والمدن " السنية" الاخرى في العراق.وقرر الاندفاع وبدعم اعلامي عالمي وخليجي نحو بغداد ثم جنوبها حيث المنطقة " الشيعية"فكان  القرار مُتخذا لدى تنظيم داعش بفتح بغداد واسقاط النظام السياسي فيها وابادة وتهجير الشيعة فيها والذهاب بملاحقتهم  في الوسط والجنوب.وكان هناك هدفا استرتيجيا لداعش وهو عبور  الحدود نحو الداخل الايراني .

لأن ومن ضمن مخطط  ادارة اوباما  والمدعوم من بعض دول الخليج هو  ابادة  حلفاء ايران في العراق وهم الشيعة السياسيين  بغضاً بإيران ولإفراغ اليد الايرانية مِن جميع الاوراق والحلفاء داخل العراق  .أي  ابادة و تهجير الشيعة العراقيين نحو ايران واللحاق بهم نحو الداخل الايراني لأرباك ايران والمنطقة . والتفكير فيما بعد بصفقة (إسكان  الفلسطينيين)  في الانبار وفي مناطق شيعية  في العراق. وفتح المنطقة من الانبار حتى البصرة مرورا بصحراء كربلاء والنجف والسماوة للدولة الجديدة التي جيشها من الدواعش ...الخ . ........

٣- هنا تحسست ايران حجم الخطر العسكري والامني والوجودي والعقائدي عليها  .فهبت مسرعة نحو العراق للوقوف مع العراقيين ضد تنظيم داعش الارهابي لكي لا يتمدد نحو بغداد والبيئة الشيعية العراقية ثم  يدخل ايران. لا سيما وان محافظة ديالى متاخمة جدا للأراضي الايرانية وان عملية دخول داعش للداخل الايراني كانت مسالة وقت فقط . ومن شمال العراق هناك تداخل متصل بين الاراضي العراقية والايرانية وبالعكس يسهل توغل داعش داخل ايران !!. 


#كيف تظافر العراقيين ... وتطابقت رؤية النجف مع قم ؟


أ:- لقد  تظافرت جهود العراقيين وحال سماعهم لفتوى " الجهاد الكفائي" والتي صدرت من المرجع الشيعي الاعلى آية الله العظمى  السيد علي السيستاتي حفظه الله. بحيث ومباشرة تم تعليق الأختلافات بوجهات النظر بين مرجعية النجف الأشرف التي ترفض نظام  ولاية الفقيه، وبين مرجعية قم المقدسة التي تدعم نظام ولاية الفقيه في العراق. لا بل أوصى حينها  المرشد الايراني الاعلى  السيد علي الخامنئي بالألتزام بفتوى النجف الأشرف أي بفتوى المرجع الاعلى السيد السيستاني .فهبت الجيوش الشعبية ومن مختلف المحافظات والمدن والقرى والقبائل .ومن مختلف  الاديان والمذاهب والطوائف وبدعم ايراني كبير من خلال الاعلام والحرب النفسية و السلاح والعتاد والدعم اللوجستي  ونشر المستشارين والمدربين والخبراء  منها ومن حزب الله اللبناني!

فاعطت دفعا معنويا هائلا للجيش العراقي الذي سارع الى لملمة نفسه بعد أنكساره بسبب نكبة الموصل  عندما شعر بانه ليس وحيدا بل بجواره  جميع القطاعات العسكرية والامنية والشعبية والثورية الاخرى " الحشد والفصائل" .فعاد لقوته وصموده فتم ايقاف تنظيم داعش خارج حدود بغداد ،وعلى الرغم انه كان مسنودا  اميركيا وغربيا وخليجيا وتركيا واسرائيليا  .

ب:- ومن ثم  تم التخطيط للمرحلة الثانية وهي مرحلة القضاء على تنظيم داعش. وبالفعل تم الحسم العسكري بعون الله وبدعم جوي  من التحالف الدولي ،وبتضحيات العراقيين من مختلف الشرائح والصنوف العسكرية والامنية والثورية  والشعبية .ولَم يبق منه الا جيوب هنا وهناك تحاول الدول المعادية للعراق أحياءه من جديد لكي يبقى العراق أسيراً للدمار والفوضى والخراب خوفا من نهوضه الاقتصادي. لأنهم يعتقدون وحال نهوض العراق اقتصاديا سوف يسحب جميع رؤوس الاموال والشركات من الدول الخليجية ودوّل الجوار .وسوف يعود قويا لِما فيه من طاقات وارث علمي وثقافي ومعنوي وتاريخي وحضاري من جهة ، وسوف يقود المنطقة نحو توحيد الشمل العربي من جهة أخرى . وهذا  يعتبر خط احمر من قبل الدول الكبرى واسرائيل. ...وكذلك لا تحبذه الدول الاقليمية المحاذية للعراق بل تريده عراقاً ضعيفا وسوقاً استهلاكية وعقائدية  لتلك الدول !


#كيف يُزيل بايدن العتب والنقد لأدارة أوباما من قبل الايرانيين والعراقيين؟

فما تقدم في سياق التحليل كله لا زال راسخاً في ذهن الايرانيين. لأنه بمثابة غدر وخيانة للعراقين والايرانيين معا من قبل ادارة اوباما في حينها . ولن يفلت من هذا العتب والنقد وانعدام الثقة الرئيس  بايدن وادارته الجديدة لأنها أمتداد لأدارة أوباما .وبالتالي وحال الشروع باللقاءات والمفاوضات  بين طهران وواشنطن سوف ينفتح ملف الغدر المتمثل بتنظيم " داعش" الإرهابي ،وسوف يسمع الرئيس بايدن واعضاء ادارته  كلاما قويا من الايرانيين وحتى من العراقيين ان تشجعوا هذه المرة . 

وسوف يحتاج بايدن وادارته وقتًا طويلًا لكي يقنع الايرانيين ومن بعدهم العراقيين ان غيروا من طبعهم المتخاذل .بأن ما حصل من خلال " تنظيم داعش"  ليس غدرا!.ولن ينفعهم ما مررته صحيفة أميركية هذه الايام من بالون مخادع ايدته بعض المواقع العربية وهو أن ( الرئيس أوباما شيعيا.. ولكنه كان يخفي تشيّعه ) والواضح هو بالون خداع للعراقيين والايرانيين !


#فالسؤال :-

• كيف ستقنع  ادارة بايدن الايرانيين والعراقيين بان داعش وماقام به ليس غدرا؟ 

•وماذا سيطلب الايرانيون من بايدن مقابل نسيان هذا الغدر  الكارثي بخنجر داعش المسموم  ؟ 

هذا ما سوف نسمعه ونقرأ عنه في المستقبل القريب !. 

——————


#الى اللقاء في الجزء الثالث:- 

( ماهو المطلوب من العراق قبل أن يُمحى ؟) 


سمير عبيد

٢٣ يناير ٢٠٢١

Friday, 22 January 2021

أمريكا الموحدة .. حقيقة أم أضغاث أحلام ؟ د. محمد السعيد إدريس



أمريكا الموحدة .. حقيقة أم أضغاث أحلام ؟

د. محمد السعيد إدريس


إذا كانت ذاكرة الأمريكيين الجمعية تبدو فارغة من ما يمكن اعتباره أياماً عصيبة أو أحداثاً مريرة منذ انتهاء حروب التوحيد الأمريكية، على خلاف أحوال كثير من الشعوب، خصوصاً هؤلاء الذين دفعوا أثماناً فادحة للاستكبار والغطرسة الأمريكية، فإن هذه الذاكرة المعطلة عن رصد الأحداث الأليمة باتت مرغمة لترقب مخاطر قد تكون الأولى من نوعها،  لسبب أساسى هو أنها، وللمرة الأولى تأتى هذه التحديات والتهديدات من الداخل الأمريكى.

يتذكر الأمريكيون جيداً حادثة تدمير اليابانيين لميناء "بيرل هاربر" الأمريكى عام 1943 فى أوج تطورات الحرب العالمية الثانية، وهى الحادثة التى دفعت بهم إلى أتون تلك الحرب التى ظلوا بمنأى عنها مستفيدين من خصوصية جغرافيتهم التى تعزلهم عن أحداث العالم الساخنة. كما يتذكر الأمريكيون تفجيرات 11 سبتمبر 2001 فى واشنطن ونيويورك التى حفزت إدارة جورج بوش الابن لافتعال ما أسماه بـ "الحرب على الإرهاب" التى هاجم فيها أفغانستان عام 2002 وغزا فيها العراق واحتله ودمره عام 2003 بمزاعم لها علاقة بتلك الحرب أو بامتلاك العراق أسلحة دمار شامل ووجود اتصالات عراقية مع تنظيم "القاعدة" الذى اتهم بالمسئولية عن تلك التفجيرات. لكن كلا الحدثين: بيرل هاربر وتفجيرات 11 سبتمبر 2001 جاءا من مصدرين خارجيين، وهو أمر يختلف كثيراً عن الحدث الدرامى والدامى الجديد الذى عاشه الأمريكيون يوم الأربعاء قبل الماضى السادس من يناير 2021، يوم اجتياح مؤيدى الرئيس الأمريكى المنتهية ولايته دونالد ترامب مبنى الكونجرس (الكابيتول هيل) فى العاصمة الأمريكية، حيث جاء التهديد من داخل الولايات المتحدة، ولا أحد بمقدوره أن يعرف ما إذا كان هذا الاجتياح الدامى، الذى حمَّلت نانسى بيلوسى رئيسة مجلس النواب الرئيس ترامب مسئوليته ووصفته بأنه "ثورة مسلحة"، سيكون نهاية مأساة الصراع على السلطة، أم هو مجرد بداية لـ "كرة الثلج" التى ستظل تتدحرج وتكبر إلى أن تصل إلى ذروتها بفرض تقسيم وتفكيك الولايات المتحدة واقعاً مادياً ملموساً.

الساعات المتبقية من ولاية دونالد ترامب من الآن وحتى ظهر الغد الأربعاء 20 يناير 2021 بتوقيت واشنطن موعد تنصيب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة ستحمل بعض مؤشرات للإجابة على هذا السؤال. وإذا كان الرئيس الأمريكى المنتخب جو بايدن قد استبق الأحداث لنفى الخطر عن أمريكا واستعادة الوحدة وإعادة بناء أمريكا عظيمة، فإن ما قاله بايدن بهذا الخصوص، وربما ما سيقوله أيضاً فى حفل تنصيبه غداً، وما سيلى ذلك من أيام وأسابيع وشهور، قد لا يكون إلا مجرد قفز فى المجهول .

لجنة تنظيم حفل أداء اليمين الدستورية قالت أن "أمريكا الموحدة" سيكون شعار تنصيب الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة، وأشارت إلى أن جو بايدن سيحيط نفسه بأسلافه من الرؤساء السابقين (من هم على قيد الحياة) بارك أوباما (ديمقراطى) وبيل كلينتون (ديمقراطى) وجورج دبليو بوش (جمهورى – أدان بشدة حادثة اقتحام الكونجرس واعتبر أنها حولت الولايات المتحدة إلى "جمهورية من جمهوريات الموز"). وفى ذات الوقت أكد رون كلاين الذى اختاره بايدن ليكون كبيراً لموظفى البيت الأبيض أن بايدن سيوقع 12 أمراً تنفيذياً عقب حفل تنصيبه مباشرة "لإصلاح أشد أضرار إدارة ترامب جسامة والدفع بالبلاد قدماً" وأوضح أن الأوامر التنفيذية تتعلق بالتصدى لجائحة كورونا وتدهور الاقتصاد الأمريكى واللامساواة  العرقية، والتغير المناخى. لكن يبقى السؤال ضرورياً حول ما إذا كانت كل هذه الأوامر وغيرها من الإجراءات ومن ضمنها تشكيل إدارة أمريكية قوية وفاعلة ومتماسكة ستكون كافية لمنع الانزلاق الأمريكى نحو الهاوية الذى يتحدث عنها كثيرون؟ وهل سيكون فى مقدور بايدن فعلياً جعل أمريكا موحدة .

أول الاختبارات التى  ستواجه هذا الشعار ستكون غداً بالتزامن مع حفل التنصيب الذى رفض دونالد ترامب المشاركة فيه وقرر أن يضرب عرض الحائط بكل الأعراف والتقاليد الخاصة بتسليم السلطة، وأن يبقى بالبيت الأبيض إلى ما يسمى بـ "الرمق الأخير" من الساعات وربما الدقائق المتبقية من ولايته، لأنه على يقين بأنه "الرئيس الفائز" وأن "الانتخابات مزورة". الأكثر من ذلك أن ترامب الذى سيغادر البيت الأبيض على متن الطائرة الرئاسية مروراً بالبساط الأحمر متجهاً إلى منتجعه فى ولاية فلوريدا، فى إشارة واضحة إلى أن هذا الذى يحدث ليس نهاية عهده بالسياسة، لكن ربما يكون مقدمة لها. وتأكيداً لذلك كان ترامب قد خاطب أنصاره محرضاً لهم يوم واقعة السادس من يناير لمنع إعلان فوز بايدن خلال الاجتماع الذى كان منعقداً لهذا الغرض فى ذات الوقت بالكونجرس وقال "فزنا بالانتخابات فوزاً كبيراً، والنتائج لم تكن متقاربة، ولن نتنازل ولن نتخلى ولن نعترف بالهزيمة" وتابع "حصلت على 75 مليون صوت انتخابى، ومع ذلك يقولون إننى لم أفز.. لن نسمح بإسكات أصواتكم ولن نقبل بذلك" بعد ذلك قدم ترامب ما يمكن اعتباره "رثاء" لولايته الرئاسية وقال "أنها نهاية واحدة من أفضل أولى الولايات فى تاريخ الرئاسة، لكنها مجرد بداية معركتنا من أجل أن نعيد أمريكا عظيمة".

إذا كان ترامب يرى أن كل التمرد الحادث الآن هو مجرد بداية لما هو قادم، فإن حالة التجييش الذى تشهدها العاصمة الأمريكية ومعظم عواصم الولايات، خشية وقوع اعتداءات دموية يقوم بها أنصار ترامب، تؤكد، وفق تقديرات الأجهزة الأمنية وخاصة مكتب التحقيقات الفيدرالى أن المخاطر "ربما تكون هائلة، أخذاً فى الاعتبار ما ورد على لسان الإدعاء الأمريكى بأن مثيرى الشغب من أنصار ترامب الذين اقتحموا الكونجرس "كانوا يهدفون أسر واغتيال مسئولين منتخبين"، ناهيك عن وجود قناعات بوجود اختراقات أمنية فى صفوف الشرطة من جانب أنصار ترامب، لكن الأخطر هو ما يتردد من احتمال وجود انقسام فى الولاءات فى صفوف الجيش الأمريكى. فحسب وكالة رويترز أنه على الرغم من اتخاذ قيادة الجيش، بعد تردد وانتظار طال قليلاً، قراراً بدعم الشرعية الجديدة للرئيس جو بايدن إلا أن هذا "لا يمنع من وجود مخاوف من وجود انقسامات داخله وأن هناك قسم كبير من الجيش بيض وذكور، وقد يكونوا، وفق معلقين متطرفين لصالح ترامب".

كل هذا مجرد مؤشرات أولية سوف تختبر ما إذا كان جو بايدن قادراً على جعل شعار "أمريكا موحدة" واقعاً وحقيقة أم على العكس يمكن أن تتحقق نبوءة المفكر اليسارى الأمريكى نعوم تشومسكى التى  تحدثنا عنها فى الأسبوع الفائت بأنه "بات من المستحيل مجئ رئيس أمريكى يكون قادراً على صنع الإجماع الوطنى"، وأن ما هو قادم قد يكون العكس تماماً.


هل كانت أحداث اقتحام الكونجرس يوم الاربعاء 6 يناير 2021 مفاجأة ؟

 


هل كانت أحداث اقتحام الكونجرس يوم الاربعاء 6 يناير 2021 مفاجأة ؟ من حيث السمعة الدولية والموروثة بل والتى فرضت على العالم كله تجاه الديمقراطية الأمريكية كانت مفاجأة . اما من حيث الواقع الديمقراطى الأمريكى لأى محلل سياسى لم تكن مفاجأة بل كانت الأحداث هى المتوقع حتى وإن لم تكن بهذا المستوى الهابط الذى تخطى دول العالم الثالث أو دول الموز مثل ماعبر عن ذلك رؤساء امريكا السابقين . فأحداث الاربعاء الدامى ليست النهاية بل هى ستكون البداية لتغيرات استراتيجية ودراماتيكية فى الديمقراطية الأمريكية بل على مستوى العالم . من المعروف أن النظام السياسى الأمريكى يعتمد على ( واسب) اى الابيض الانجلو ساكسون البروتستانتي . وذلك ومنذ هجرة البروتانيون، وهم البروتستانت الذين هاجروا من انجلترا تحديدا بعد حرب الثلاثين عاما بين الكاثوليك والبروتستانت. وهؤلاء البروتان البروتستانت يؤمنون بما يسمى الحكم الألفى اى عودة المسيح الى العالم ليحكم الف عام وان هذا لا يحدث بغير بناء اليهود لهيكل سليمان مرة أخرى وذلك لا يتم إلا بسيطرتهم على فلسطين فهى ارض الميعاد لأنهم هم شعب الله المختار. وعلى هذا الأساس وذاك البناء كانت امريكا فى يد الابيض الساكسون البروتستانتى. وكان الاستثناء من ذلك وصول كينيدى إلى الحكم وهو كاثوليكي فلم يكمل مدته وأغتيل. ثم كان أوباما الاسود قد جاء بعد متغيرات ومكاسب سياسية حصل عليها السود منذ ستينات القرن الماضى نتاج حركة التحرر التى قادها مارتن لوثر كينج. ولكن نتيجة لتغيرات أمريكية داخلية واقتصادية عالمية كان أهمها الأزمة الاقتصادية عام 2008 إضافة لظهور مايسمى بالشعبوية السياسية مقابل النيوليبرالية والتى أعادت صورة الرأسمالية المتوحشة مرة أخرى ،وغير ذلك الذى مهد على غير الواقع السياسى الأمريكى لوصول ترامب الذى لا علاقة له بالسياسة ولم يكن منضم لأى حزب سياسى ولكنه رجل اعمال لا يعرف ولا يجيد غير الانتهازية بمفهومها الشامل . أجاد ترامب اللعبة مستغلا المتغيرات فى المجتمع الأمريكى التى أعادت فكرة سيطرة الابيض الساكسون البروتستانتى فى مواجهة كل الامريكان ذو الأصول الأفريقية والإسبانية...الخ. إضافة لرفض الأمريكى الاسود ولذا وجدنا ترامب يصدر قوانين تمنع دخول ستة دول إسلامية وعربية إضافة لتبنيه بناء سور بين أمريكا وكندا مكرسا العزلة ومعليا من الابيض رافعا الانجيل أمام الكنيسة عند احداث مقتل الشاب الاسود وذلك نفاقا للشعبوية السائدة الان . وعلى ذلك وبالرغم من كل ذلك حصل ترامب على اصوات اكثر من سبعين مليون ناخب اى أكثر مما حصل عليه عام 2017. فهذا يعنى أن هناك حالة انقسام حقيقية فى الشارع السياسى الأمريكى موجودة ومتراكمة قبل وصول ترامب للحكم. ولذا اعتمد ترامب على هذا الانقسام خاصة اتباعه أو قل التيار الذى تبعه وزايد عليه . ذلك التيار الذى لا علاقة له بديمقراطية امريكا ولا غيرها من الديمقراطيات. فشاهدنا ترامب يتحدث عن تزوير الانتخابات قبل أن تحدث . سمعنا عن المؤامرات التى تحاك لترامب. سمعنا عن مصطلح الدولة العميقة. شاهدنا البلطجة التى لم تحدث لأى مجلس نيابى فى العالم والأهم هو ليس اقتحام الكونجرس ولكن هو اسقاط العلم الأمريكى ورفع علم ترامب بل رفع أعلام وشعارات لجماعات فوضوية تعلن عن نفسها. نعم تم القبض على المقتحمين وتم إعلان فوز بايدن. ولكن نرى وللان الخوف من تعطيل نقل السلطة حتى أن الأمن القومى الأمريكى حشد خمسة عشر ألف جندى لحماية الكونجرس ليوم التنصيب خوفا من تكرار المأساة. وذلك العدد يزيد عن عدد الجنود الامريكان الذين يحتلون أفغانستان والعراق وسوريا !! فماذا يعنى ذلك. المشيدون بالديمقراطية الأمريكية فى نموذجها الأمريكى يقولون إن الديمقراطية وبالرغم من كل ماحدث قد انتصرت فهى الحامى للنظام وللمؤسسات. ولكن نقول هنا هل الديمقراطية الأمريكية التى تصر على تعليمها للدول الأخرى حتى ولو على طريقة السحق والاحتلال مثل ماحدث فى العراق وغيرها، تعنى عدم القبول براى الأغلبية ؟ وهل هذه الديمقراطية تعنى فرض الرأى المخالف لهذه الأغلبية ولو عن طريق البلطجة والإرهاب واسقاط مؤسسات الدولة ؟ لاشك أن أحداث السادس من يناير ستجعل امريكا بعدها غير قبلها بل ستؤثر على المسار الديمقراطى بشكل عام ناهيك عن ذلك الانقسام الشعبى الأمريكى الخطير الذى يؤذن بمتغيرات ستكون لها مالها خاصة على عالمنا العربى الذى لايزال يسير بطريقة رد الفعل ولا علاقة له بأى فعل فى الوقت الذى لا تختلف فيه اى إدارة أمريكية سواء ديمقراطية أو جمهورية فى سياستها الخارجية التى تعتمد على استنزاف المقدرات العربية وعلى تقوية إسرائيل على حساب القضية الفلسطينية. فهل نسعى إلى فعل ام سنظل منتظرين طوال الوقت ؟

بقلم المفكر جمال أسعد